فرعون موسى بين الحقيقة والخرافة الجزء الحادى عشر


هكذا قال رمسيس الثاني لوزيره هامان أن يبني له برجاً عالياً حتى يرى الإله الذي يقول موسى إنه إلهه وإله العالمين ، وقال له إنه يعتقد أنه لو فعل ذلك فلن يجد شيئاً لأنه يظن موسى كاذباً في قوله : وقالوا إنه وقد وصل إلى هذه النتيجة فإن الصرح لم يبن ، وهذا ما نعتقده ، إذ أن أي بناء في عصرنا الحال يبنا بالطوب والإسمنت – حوائط حاملة – أي بدون أعمدة خرسانية لا يجب أن يزيد عن 6 أو 7 طوابق على الأكثر أي 21 متراً فهو لن يكون مرتفعاً بالنسبة لبعض المسلات التي كانت تبلغ 29 متراً أو تمثاله الذي وجدت بقاياه في صان الحجر ( تانيس ) والذي كان يبلغ ارتفاعه 28 متراً، ولم يكن الاسمنت قد عرف في عصرهم وكان الطين هو المادة اللاصقة في المباني، فلا يزيد ارتفاع بالطوب الأحمر والطين عن 5 طوابق أي 15 متراً فلا يعتبر بناء هائلاً يقنع الناس بعدم وجود إله إذا صعد عليه.
وقيل إنه بنا فعلاً بناءً عالياً وصعد عليه ثم نزل فقال للناس ، لم أجد الإله الذي يقول به موسى وعليه فهو من الكاذبين ، وقال لهم ما عملت لكم من إله غيري ، وروى عن السدي : لما بنا الصرح ارتقى فوقه وأمر بنشابة فرمى بسهم نحو السماء فرد إليه وهو مضرج دماً فقال قتلت إله موسى (تفسير الآلوسي جـ 20 ص 80) على أن ما نميل إليه هو أن كلامه كان مجرد استهانة واستهزاء بموسى فلم يبن الصرح .

وقال فرعون في كبره وغروره هو وجنوده مع أنهم على باطل وليسوا على حق ﴿ واستكبر هو وجنوده بغير الحق  وفي ظنهم أنهم لن يرجعوا إلى الله فيحاسبهم على أقوالهم وأفعالهم هذه ﴿ وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون وزين له غروره أن أفعاله هذه – من تكذيب موسى وإنكار وجود الله – هو الرأي الصحيح وصدته أوهام العظمة التي تملكته – عن تصديق موسى وإتباع السبيل الصحيح والطريق السليم ﴿ وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل .
وتبّ بمعنى انقطع ومنه ﴿ تبت يدا أبي لهب وتب وكذلك تب بمعنى خسر وهلك وتباً له أي أهلكه الله ، ثم يقرر القرآن الكريم أن كل تدابير فرعون وأفعاله وما يكيد ليصد عن دعوة الحق كل ذلك ما له الخسران والهلاك ﴿ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ [غافر: 37].

وتصرف فرعون من بناء صرح للصعود عليه للتدليل على عدم وجود إله يذكرنا بما قاله جاجارين – أول رائد فضاء – وهو سوفيتي ملحد : إذ قال بعد نزوله من دورانه حول الأرض : لم أر الإله الذي يقول بوجوده المؤمنون 

الجزء الثانى عشر من هنا                     الجزء العاشر من هنا 
فرعون,فرعون موسى,تاريخ الفراعنة,الفرعون,موسى وفرعون,الأثار الفرعونية
التالى
السابق
اضغط هنا للتعليقات

0 التعليقات: