فرعون موسى بين الحقيقة والخرافة الجزء الثامن والاربعون

ولما جاء ( يوم الزينة ) حضر فرعون وأهل دولته وحضر أهل البلدة عن بكرة أبيهم وذلك أن فرعون نادى فيهم أن يحضروا هذا الموقف العظيم فخرجوا وهم يقولون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين . ثم أن السحرة قالوا لفرعون هل سيكون لنا أجرٌ إن كنا نحن الغالبين ، قال لهم فرعون نعم وإنكم أيضاً ستكونون من بطانتي التي أعتمد عليها ثم جاءت المواجهة بين موسى عليه السلام والسحرة فوعظهم موسى عليه السلام وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل وقال لهم :﴿ ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى [طه : 61 ]
قال قائل منهم هذا الكلام كلام نبي وليس بساحر فقال آخر بل هو ساحر وقال آخرون إن هذان الساحرين يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما .ثم إن السحرة أجمعوا كيدهم على أن يقابلوا برهان الله لموسى عليه السلام بسحرهم .
﴿ قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى[ الأعراف : 115 ]
قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وذلك أن السحرة كانوا قد عمدوا إلى حبال وعصى فأودعوها الزئبق وغيره من الآلات التي تضطرب بسببها تلك الحبال والعصى اضطراباً يخيل للرائي إنها تسعى باختيارها فعند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وقبل أن يلقوا تلك الحبال قالوا﴿ بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون . [ الشعراء : 44 ]
فلما رأى موسى عليه السلام ذلك خاف على الناس أن يفتنوا من هذا السحر ثم إن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام :
﴿ وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث آتى . [ طه : 69 ]
ثم إن موسى عليه السلام لبى نداء ربه وقال :
﴿ ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون .[يونس : 81 -82 ]
وألقى موسى عصاه على الأرض فتحولت العصا إلى ثعبان عظيم هائل ، قال غير واحد من علماء السلف إنها صارت حية عظيمة ذات قوائم وعنق عظيم وشكل هائل مزعج فهرب الناس منها وأقبلت هذه الحية على ما ألقوه من حبال وعصى فجعلت تلقفه واحداً واحداً بأسرع ما يكون من الحركة والناس ينظرون إليها ويتعجبون منها فلما رأى السحرة ذلك اطلعوا على أمر لم يكن في خلدهم ولا بالهم ولا يدخل تحت صناعتهم وأشغالهم فتحققوا بما عندهم من العلم أن هذا ليس بسحر ولا شعوذة ولا محال ولا خيال بل أنه حق لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى فكشف الله عن قلوبهم غشاوة الغفلة وآنارها بما خلق فيها من الهدى وأزاح عنها القسوة وأنابوا إلى ربهم وخروا له ساجدين وقالوا جهرة للحاضرين :
﴿ آمنا برب هارون وموسى . [ طه : 70 ]
قال سعيد بن جبير وعكرمة والقاسم بن أبي برذه والأوزاعي : لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تهيأ لهم وتزخرف لقدموهم ولهذا لم يلتفتوا إلى تهديد فرعون لأن فرعون لما رآهم قالوا ذلك قال : ﴿ آمنتم له قبل أن آذن لكم لأنه لكبيركم الذي علمكم السحر . [الأعراف : 123 ]
﴿ إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون *  لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين . [123 -124 ]
فلما سمع السحرة تهديد فرعون لهم لم يلتفتوا إلى ذلك التهديد وقالوا له : ﴿ قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون * إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين . [الشعراء : 50 - 51 ]
"إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى [ طه : 73 ]
﴿ قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقضِ ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا "[طه :72 ]
﴿ وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين . [ الأعراف : 126 ]

﴿ إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى *ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى [ طه : 74 – 76 ]

الجزء التاسع والاربعون من هنا           الجزء السابع والاربعون من هنا 
فرعون,فرعون موسى,تاريخ الفراعنة,الفرعون,موسى وفرعون,الأثار الفرعونية
التالى
السابق
اضغط هنا للتعليقات

0 التعليقات: