قارون وكنوزه والذهب الذى سرقه بنو اسرائيل من المصريين :
﴿ إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه
من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله
لا يحب الفرحين ﴾ [القصص : 76 ]
يحدثنا الله عن كنوز
قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم الكنوز، كان
يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن مفاتيح الكنوز هذه الحال،
فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه بعد أن آتاه الله الثراء.
ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا يشمل شتى الصور.
فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى عليهم بحرمانهم حقهم في
ذلك المال.
حق
الفقراء في أموال الأغنياء. وربما بغى عليهم بغير هذه الأسباب.
ويبدو أن العقلاء من قومه
نصحوه بالقصد والاعتدال، وهو
المنهج السليم. فهم يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان من هو المنعم بهذا
المال، وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، فعليه أن يعمل
لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان، فعليه أن يحسن
ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان
ويحذرونه من الفساد في الأرض، بالبغي،
والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو إمساكه عما يجب أن يكون
فيه. فالله لا يحب المفسدين.
فكان رد قارون جملة واحد
تحمل شتى معاني
الفساد (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي.
لقد أنساه غروره مصدر هذه
النعمة وحكمتها، وفتنه المال وأعماه الثراء. فلم يستمع قارون لنداء قومه، ولم
يشعر بنعمة ربه.
وخرج قارون ذات يوم على
قومه، بكامل
زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه
في نعمة كبيرة. فرد عليهم
من سمعهم من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا
الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند قارون.
وعندما تبلغ فتنة الزينة
ذروتها، وتتهافت
أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس
الضعاف من إغراءها، وتحطم
الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ
الْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة
ابتلعته الأرض
وابتلعت داره. وذهب ضعيفا عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو
مال
فمن المعرف أن أرض مصر كان يوجد بها كنوز
كثيرة من الذهب وغيره من الأحجار الكريمة ومعنى ( الكنز ) هو الشيء الثمين الدفين
فحينما يقول المولى عز وجل في كتابه :
﴿ فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم ﴾ [الشعراء: 57 - 58]
هذا يعني أن أرض مصر كانت تحوي كنوزاً في
بطنها هذه الكنوز أخذ منها قارون لعنه الله فحينما يقول الله : ﴿ أتيناه من الكنوز ﴾
فإن الله قد أعلم قارون بكيفية الكشف عن
الكنوز في باطن الأرض فاستطاع بذلك أن يخرج كنوزاً كثيرة من أرض مصر فتخيل عزيز
القارئ كم كان مقدار الكنوز التي كانت مفاتيح خزائنها لا يطيق على حملها العدد من
الرجال الأقوياء وهذه الكنوز التي كانت في باطن أرض مصر أضاعها قارون بغبائه وعلوه
في الأرض فخسف به الله الأرض وبذلك ضاعت ثروة عظيمة من ثروات مصر .
ولن نقف عند هذا الحد فهناك أيضاً ( قبة
الزمان ) .
وقد جاء عند أهل الكتاب أن قبة الزمان هذه
كانت قبل عبادة العجل وكانت كالكعبة يحجون إليها فما حكاية قبة الزمان .
يقول أهل الكتاب : وقد أمر الله موسى عليه
السلام بعمل قبة من خشب الشمشاز وجلود الأنعام وشعر الأغنام وأمر بزينتها بالحرير
المصبغ والذهب والفضة على كيفيات مفصلة عند أهل الكتاب ولها عشر سرادقات طول كل
واحد طول كل واحد ثمانية وعشرون ذراعاً وعرضه أربعة أذرع ولها أربعة أبواب وأطناب
من حرير ودمقس مصبغ وفيها سقوف وصفائح من ذهب وفضة ولكل زاوية بابان وأبواب آخر
كبيرة وستور من حرير مصبغ وغيره ويعمل تابوت من خشب الشمشاز يكون طوله ذراعين ونصف
وعرضه ذراعين وارتفاعه ذراعاً ونصف ويكون مضياً بذهب خالص من داخله وخارجه وله
أربع حلق في أربع زوايا ويكون على خافتاه كروبيان من ذهب – يعنون صفة ملكين بأجنحة –
وهما متقابلان صنعه رجل اسمه
( بصليال ) وأمره أن يعمل مائدة من خشب
الشمشاز طولها ذراعان وعرضها ذراعان ونصف لها ضباب ذهب وإكليل ذهب بشفه مرتفعة
بإكليل ذهب وأربع حلق من نواحيها من ذهب مغرزه في مثل الرمان من خشب مليس ذهباً
وأن يعمل صحافاً ومصافي وقصاعاً على المائدة ويصنع منارة من الذهب ولي فيها ست
قصبات من الذهب من كل جانب ثلاثة على كل قصبة ثلاثة سرج وليكن في المنارة أربع
قناديل ولتكن هي وجميع هذه الآنية من قنطار من ذهب طبعاً غير الحرير والخشب والذهب
الذي صنعت به (قبة الزمان ) كان من مصر فبالله كم تكلفت قبة الزمان هذه التي قال
عنها أهل الكتاب وهل حافظوا عليها فقد سرق اليهود الحلي والمصاغ من أهل مصر ثم نقب
قارون فأخرج من أرض مصر الكنوز ثم صنعوا ( قبة الزمان ) في مصر وخرجوا بها إلى
الشام كل هذا من أرض مصر فهلا أعادوه لنا ؟





0 التعليقات: