قد توارثت القصة بأن المقصود بنجاة بدن فرعون هو أن المولى عز و جل أمر البحر لإخراج بدن فرعون على الشاطئ و ذلك حتى يوقن من امن بالله حديثا أن فرعون قد مات , أو لكي يجده كهنة الفراعنة ثم يحنطوه وبذلك يكون آية دائمة تذكر الناس بتلك القصة , و يعتقد أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى .
لكنني و
بناءا على بعض التدقيق في القصة تخيلت بعض الأحداث تتعلق بحادثة غرق فرعون و عليها
بنيت فرضية ربما يكون بعضها صحيح و لا أجزم بذلك و أترك تقييم ذلك لأهل الاختصاص
من علماء دين و آثار ولمن يهمه الأمر, و أعلم أن السائد و الشبه متفق عليه هي
الرواية المتوارثة و لكن ربما كان عند بعض المتخصصين أشياء تؤكد فرضيتي .
أفترض أن المقصود بنجاة بدن فرعون بعد موته هو الحفاظ على ذلك البدن من التعفن و التحلل, بأمر المولى عز و جل و بدون تدخل بشري لا بالتحنيط أو غيره. وأن بدن فرعون محفوظ في قاع نهر النيل في مكان محدد وصفه لنا القرءان , و أن بدنه يبدوا كبدن أي شخص حي و سوف يكتشف ذلك قريبا . و أن المقصود من قوله تعالي " فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية" أمرين , الأمر الأول هو أن يكون في قصه موت فرعون عبرة لكل من يخلف فرعون زمنيا و مكانيا و قياديا , و الأمر الثاني يحدث في آخر الزمان و هو ماديا بأن يعثر على بدن فرعون موسى.
فكرت في القصة
المتوارثة و فكرت في الإعجاز المقصود و الآية من نجاة بدن فرعون و هل كان فيها شيء
جديد أم أنها مما تعارف عليه الناس أم أن هناك شيء نغفله من تلك القصة.
عادة يلقي البحر
الغرقى إلى الشاطئ و أعتاد البشر على ذلك و لا يعتبر ظهور جسم الغريق نجاة. أيضا
برع الفراعنة في فنون التحنيط و لم يكن هناك شيء جديد ينفرد به تحنيط رمسيس الثاني
. السائد أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى على أسس متوارثة , و أهمها أن تلك
المومياء هي لشخص مات غرقا. القصة المتوارثة مقبولة لحد كبير بأن المولى أمر البحر
بإخراج بدن فرعون إلى الشاطئ لكي يعثر عليه ثم يحنط ثم يبقى لعصرنا شاهد حي على
قصة الغرق تلك

مقارنة بالآيات التي أجراها الله على يد موسى كلها آيات عظيمة, لقد تحولت العصا لثعبان حقيقي و انشقاق البحر......الخ. لذلك فكرت في احتمال أن تكون الآية في قصة نجاة بدن فرعون أعمق من القصة المتوارثة و أن تكون بنفس عظمة الآيات التي جرت على يد موسى.
نعرف أن هدف موسى
و من معه كان النجاة من فرعون و الابتعاد عنه , فلم يكن هدف موسى و من معه قتل
فرعون, و إن لم يغرق فرعون في البحر فنجاتهم كانت تكفيهم سواء أمات فرعون أو بقى
حي و إن رؤوا بدنه بعد الموت أو لا.
نعلم أن كل من
حضر تلك الحادثة قد شاهد و عايش الآية الأكبر و هي انشقاق البحر و عبور موسى و من
معه ثم انطباق البحر على فرعون و جنوده . فمن حضر حادثة الغرق , نظر و شهد موت
فرعون و جنوده بعين اليقين.
قال تعالى: ﴿وَإِذْ
نَجّيْنَاكُم مّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبّحُونَ
أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلآءٌ مّن رّبّكُمْ
عَظِيمٌ [49] وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا
آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ [50] ﴾ [سورة: البقرة]
ثم, ألا نرى
القداسة التي أبداها الفراعنة لهذا الفرعون بعد تحنيطه, و نرى الإعجاب و التبجيل
لتلك المومياء و أن ليس في ذلك استثناء عن شبيهاتها من الأجسام المحنطة. و من
المفترض أن يكون في بدن فرعون آية و عبرة لهم و لغيرهم. أم هل المقصود بالغفلة
بأنهم معجبون ببدن فرعون هذا الظالم الذي لم يصدق موسى فمات غرقا ثم حنط......
نعلم أن فرعون لم
يغرق بمفردة بل كان معه أتباعه و جنوده, و هم خيرة قوته الضاربة و التي هيمن و حكم
بها و يكفي موتهم لتكون انتكاسة عظيمة للدولة الفرعونية. ثم أتساءل هل من حكم
البلاد بعد موت فرعون كانوا بحاجه لرؤية بدن فرعون !...
إن أراد كنهه
الفراعنة الذين بقوا احياء بعد موت فرعونهم تخليده (كما اعتادوا)
بالتحنيط , و لم يجدوا جثته فليس من الصعب عليهم أن يعثروا على جثة
شبيه من جنوده أو أقاربه و الذين غرقوا معه ثم يقوموا بتحنيطها و
يدعوا أن هذه هي مومياء فرعونهم , ومن يسأل..! و من يدرى..! و من يستطيع
نفي ذلك....! فلقد غرق المقربون. المهم لديهم التخليد و الهيمنة على عامة المساكين
و استمرار الطقوس الفرعونية. و يحتمل أن يكون هذا ما تم فعلا بفرض أن بدن فرعون
مازال محفوظ و لم يظهر. فتلك المومياء حنطت بمعرفة البشر مثلها مثل شبيهاتها من
الأجسام المحنطة

0 التعليقات: